أكادير.. متقاضي يضع طلب فريد يتعلق بالتبليغ عن جريمة أمن عقاري

هبة بريس – أكادير

توصلت محكمة الاستئناف بمدينة أكادير بطلب فريد و قانوني مفصل ومؤسس على مقتضيات دستورية وجنائية، تقدم به المواطن “ع. ل.”، أحد أطراف ملف جنائي ابتدائي متداول في المحكمة ، مؤازَراً من طرف دفاعه يطالب فيه الهيئة القضائية المختصة بالاطلاع الحصري على مجموعة من الوثائق والمستندات الرسمية ذات الصلة المباشرة بموضوع الملف المعروض على القضاء، والذي يتعلق بشبهات خطيرة تمس الأمن العقاري والقانوني للمملكة.

الطلب، الذي تتجاوز مرفقاته 900 صفحة موزعة على ثلاثة كتب محورية، يتضمن حسب ما جاء فيه، معطيات تشير إلى تكرار عمليات تفويت مشبوهة لعقارات معينة، تم تنفيذها من طرف المشتكى به الرئيسي مستثمر في مجال العقار ، بمعية أشخاص آخرين، عبر عقود توثيقية متعددة أُبرمت لدى عدة موثقين، وبلغات مختلفة، وذلك بخصوص نفس العقارات.

– مضمون الشكاية

يتهم المشتكي “ل .ع ” المشتكى به المستثمر وآخرين (لم يتم ذكر أسمائهم كاملة في الطلب)، بالضلوع في أفعال يُشتبه أنها تندرج ضمن الجرائم المعاقب عليها بالفصول 203، 209 و378 من القانون الجنائي المغربي، إلى جانب شبهات بالتواطؤ مع موظفين عموميين ومسؤولين في القضاء والإدارة والمحاماة، يُشتبه في استفادتهم من عمليات التفويت العقاري، إما مباشرة أو عبر شركات يُزعم أنها واجهة.

الطلب يُفصّل في جزء منه كيف أن العقارات المعنية تقع ضمن نطاق برامج وطنية تنموية أو مدعمة من طرف الدولة، مما يرفع من حساسية الملف بالنظر لما تمثله هذه المشاريع من أولوية استراتيجية على المستوى الوطني، وهو ما يعزز الخطورة القانونية والجنائية المفترضة، ويقوي حسب الطلب صلة هذه الأفعال بالأمن الداخلي للدولة كما ورد في الفصل 203.

– مستندات مدعِّمة وتحليل تقني

من أبرز ما يميز الشكاية او الطلب أنها مدعومة بدراسة تحليلية تقنية لما لا يقل عن ثلاثة رسوم عقارية، وبتفصيل للعمليات التوثيقية التي شهدتها هذه العقارات، بما يشير وفق الطلب إلى نمط تكراري في التصرف بها بشكل مثير للريبة، كما يُرفق الطلب بشهادات ملكية، سجلات تجارية، وعقود بيع وتحويل موثقة، يُفترض أن يُقارن مضمونها بما ورد في محاضر الشرطة القضائية وقرار قاضي التحقيق في الملف الجنائي نفسه.

– دعوة لتفعيل الفصلين 209 و378

و يرتكز الطلب القانوني بشكل واضح على الفصلين 209 و378 من القانون الجنائي، واللذان يتعلقان بعدم التبليغ عن الجرائم الماسة بسلامة الدولة، أو حجب الشهادة المؤكِّدة لبراءة أو إدانة في القضايا الجنائية، ويؤكد المشتكي أن عدداً من الأشخاص، من ضمنهم مسؤول قضائي تمت الإشارة له في الطلب ، كانوا على علم بالأفعال موضوع الشكاية، لكنهم لم يبلغوا عنها، مما يُعتبر، حسب مضمون الشكاية، إخلالاً قانونياً ومهنياً يمس بنزاهة الجهاز القضائي.

– الإطار الدستوري والرسائل الملكية

الطلب الموضوع لدى الهيئة القضائية إستند أيضاً إلى الفصول 6، 52، 107، 109 و110 من دستور 2011، وإلى الرسائل الملكية السامية، خصوصاً تلك المتعلقة بخطورة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، وتأكيد الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة على ضرورة تعزيز الأمن العقاري باعتباره ركيزة من ركائز الثقة في الدولة.

هذا الملف المعروض على القضاء في أكادير ليس الأول من نوعه، لكنه يُسلّط الضوء من جديد على تحديات الأمن العقاري في المملكة، وعلى أهمية تفعيل المقتضيات القانونية بشكل صارم وعادل، وفق ما نص عليه الدستور، وتوجيهات المؤسسة الملكية. وفي انتظار ما ستقرره الهيئة القضائية، يبقى الرهان الأكبر هو تعزيز ثقة المواطنين في العدالة، وحماية الملكية الخاصة من كل تجاوز أو تلاعب.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى