البوليساريو على أعتاب التصنيف الدولي كـ”تنظيم إرهابي”

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في لحظة إقليمية دقيقة، شهد إقليم السمارة هجومًا إرهابيًا خطيرًا نفذته ميليشيات جبهة البوليساريو، مستهدفة مواقع مدنية وعسكرية بقذائف صاروخية، سقط بعضها بالقرب من مقر بعثة الأمم المتحدة “المينورسو” وأخرى قرب مؤسسة تعليمية بحي “لازاب”، ورغم عدم تسجيل خسائر بشرية، إلا أن رمزية الأهداف المختارة، وتوقيت العملية، يعكسان تصعيدًا ممنهجًا، لا يمكن قراءته بمعزل عن السياقات السياسية المتشابكة التي تطبع المشهد المغاربي.

انزلاق ميداني يُترجم اختناقًا سياسيًا

اختارت جبهة البوليساريو الرد على ضغوط متزايدة، أبرزها مشروع القانون الأمريكي الرامي إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية، بلغة النار، هذه الخطوة ليست معزولة، بل تمثل انعطافة في توجهات الجبهة التي انتقلت من منطق المناورة السياسية إلى خيار العمل المسلح العشوائي، مُستهدفة المدنيين ومراكز السيادة، في محاولة مكشوفة لخلط الأوراق الإقليمية وفرض منطق “الفوضى المتحكم فيها”.

إن ما جرى في السمارة ليس مجرد هجوم محدود الأثر، بل هو ترجمة عملية لحالة الإفلاس السياسي التي تعيشها الجبهة بعد فقدانها الكثير من الزخم الإقليمي والدولي، وفشلها في كسب دعم قوى فاعلة في المحافل الأممية.

– جزائر-إيران: رعاية مشتركة لتحريك أذرع التوتر

لا يمكن فصل هذا الهجوم عن الدعم الممنهج الذي تحظى به البوليساريو من طرف النظام الجزائري، والذي تحوّل إلى حاضنة استراتيجية ومالية ولوجستية للجبهة، تتجاوز مجرد الدعم الدبلوماسي إلى تأمين خطوط الإمداد وتوفير الغطاء السياسي لتحركاتها الميدانية.

إلى جانب الجزائر، يبرز العامل الإيراني كلاعب خفي يتسلل عبر وكلائه الإقليميين، وعلى رأسهم “حزب الله”، الذي تشير تقارير موثوقة إلى تورطه في تدريب عناصر من الجبهة على تقنيات التفخيخ والتكتيكات الحربية غير النظامية، هذا التقاطع بين الانفصال المسلح والأجندات الإيديولوجية العابرة للمنطقة، ينذر بتحول خطير في طبيعة الصراع داخل الصحراء المغربية.

– موريتانيا بين الحياد المُعلن والدور الغامض

رغم تمسك موريتانيا بخطاب “الحياد”، فإن الواقع على الأرض يشي بشيء آخر. فقد تحوّلت الأراضي الموريتانية، خاصة في شمالها الشرقي، إلى عمق لوجستي خلفي تتحرك فيه ميليشيات البوليساريو بحرية مريبة، ويُطرح بذلك أكثر من سؤال حول مدى علم أو تواطؤ بعض الجهات داخل المؤسسة العسكرية الموريتانية مع هذه الأنشطة التي تمسّ بأمن المغرب واستقراره، بل وتتعارض مع منطق حسن الجوار ومبادئ احترام السيادة.

– رسالة نار تستدعي تحولًا استراتيجيًا

إن طبيعة الهجوم، والجهات الداعمة له، والأهداف الرمزية التي طالتها المقذوفات، كلها مؤشرات على تحوّل في قواعد الاشتباك. لم يعد الأمر يتعلق باستفزاز معزول، بل بمخطط تصعيدي يسعى إلى جر المنطقة نحو حالة من التوتر الدائم، واستنزاف المغرب أمنيًا واقتصاديًا.

ومن ثم، فإن الرد المغربي لا ينبغي أن يظل محصورًا في ضبط النفس التقليدي، بل يجب أن يتجه نحو: توسيع هامش التحرك الدفاعي، من خلال إقامة مناطق أمنية عازلة في الحدود الرخوة.

تعزيز الجاهزية العسكرية

والاستخباراتية في الأقاليم الجنوبية.دفع الملف إلى المحافل الدولية لفرض الاعتراف بـ”الطبيعة الإرهابية” للبوليساريو، استنادًا إلى الأدلة الميدانية والدعم الإيراني/الجزائري الموثق.

– نهاية الرمادية: ضرورة التصنيف الإرهابي للبوليساريو

في ظل المعطيات المتواترة، بات من الضروري للمجتمع الدولي أن يعيد النظر في طريقة تعامله مع البوليساريو، لا كطرف نزاع، بل كتنظيم إرهابي غير نظامي، يستخدم العنف ضد المدنيين ويستهدف بعثات أممية، ويتلقى دعماً من دول راعية للفوضى.

إن عدم اتخاذ موقف حاسم تجاه هذا الانحراف الخطير قد يفتح الباب أمام تكرار عمليات مماثلة، لن تقتصر آثارها على المغرب وحده، بل ستمتد إلى كل المنطقة المغاربية، التي تقف اليوم على فوهة بركان أمني إقليمي.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى