الحوز.. توجيه مياه الشرب إلى “المسابح ” يخلق أزمة ويزيد الاحتقان

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في مشهد يشهد تناقضات صارخة بين الاستخدامات السليمة لموارد المياه وحاجات السكان الأساسية، تعيش منطقة الحوز أزمة حادة في توفير مياه الشرب، وسط ما يبدو من فوضى في توجيه المياه لاستخدامات غير ضرورية.

ففي الوقت الذي تتزايد فيه الاحتجاجات من المواطنين، يشهد القطاع الفلاحي حالة من التأزم بسبب نقص المياه، مما هدد محاصيل الزيتون، أحد أهم الأنشطة الزراعية بالاقليم .

المياه باتت موجهة لأغراض ترفيهية

تفيد المعلومات الواردة من جماعة لالة تاكركوست، أن جمعيات المياه الشروب قد بدأت في توجيه كميات كبيرة من مياه الشرب إلى مسابح فيلات فاخرة في المنطقة، مما جعل السكان المحليين يعانون من شح المياه الضرورية للاستهلاك البشري والزراعي.

هذا التوجه من قبل بعض الجمعيات، التي كان من المفترض أن تضمن وصول المياه إلى الأسر والمزارعين، قوبل باستياء واسع من قبل المواطنين الذين يرون في هذا التصرف انتهاكًا لحقهم في الحصول على المياه الصالحة للشرب وسقي محاصيلهم الزراعية.

وتشير مصادر محلية إلى أن هذه الأوضاع قد تفاقمت بسبب أزمة المياه في المنطقة، التي تعيش حالة من الجفاف المستمر، وبينما كانت منطقة الحوز تأمل في موسم خير لمحاصيل الزيتون، إلا أن هذا الوضع قد ألحق أضرارًا كبيرة بالمزروعات التي أصيبت بالعطش بسبب توجيه المياه إلى المسابح الفاخرة بدلاً من استخدامها في ري المحاصيل.

– تحذيرات من تأثيرات بيئية واقتصادية

المفارقة هنا هي أن الأزمة لا تقتصر على نقص المياه فقط، بل تمتد لتشمل تبعات بيئية واقتصادية خطيرة،فقد أظهرت التقارير أن بعض حقول الزيتون في جماعة لالة تكركوست التابعة لدائرة أمزميز قد تعرضت لإتلافات كبيرة، رغم أن الموسم كان يبشر بمحصول جيد.

كما أن توجيه المياه إلى المسابح تسبب في إلحاق أضرار بالغة بالمزارع، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي ويزيد من معاناة المزارعين الذين يواجهون تحديات كبيرة في توفير المياه لري مزروعاتهم.

– غياب التدخل الفعّال من السلطات

على الرغم من شكاوى المواطنين والفعاليات الجمعوية التي تناشد السلطات بضرورة التدخل لحل هذه الأزمة، فإن السلطات المحلية لم تتخذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب، هذا التأخير في التدخل ترك الوضع يخرج عن السيطرة، مما أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة قد تؤثر على مستقبل المنطقة الزراعي.

وفي هذا السياق، باتت السلطات المحلية مطالبة بتفعيل القرارات الملكية المتعلقة بتدبير مياه الشرب، والتي تؤكد ضرورة ترشيد استخدام المياه وتوجيهها حسب الأولويات، خاصة في ظل الأزمة المائية التي تعاني منها العديد من المناطق في المغرب.

هذه القرارات تهدف إلى ضمان استفادة جميع المواطنين من هذه المادة الحيوية، بما يضمن استدامة الموارد الطبيعية ويحافظ على البيئة.

– تفشي ظاهرة حفر الآبار بشكل غير قانوني

إضافة إلى ذلك، كشفت مصادر من الحوز عن تفشي ظاهرة حفر الآبار بشكل سري وغير قانوني، مما يزيد من تعقيد الوضع. إذ تعمل بعض الجهات على حفر آبار عميقة دون تراخيص، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على مستوى المياه الجوفية، هذا الوضع يستدعي تدخل مصالح وزارة الداخلية ووكالة الحوض المائي لمراكش-آسفي، لضمان تتبع هذه الأنشطة بشكل دقيق، وإعادة إحصاء الآبار في المنطقة بهدف معالجة هذه المشكلة وحماية الموارد المائية.

– ضرورة التدخل العاجل

في ظل هذه الأوضاع، يظل السؤال المطروح هو: إلى متى ستظل السلطات الإقليمية و المحلية تتجاهل هذه الأزمة المائية؟ هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في كيفية إدارة موارد المياه في المنطقة، خاصة مع تزايد الضغوط على هذا المورد الحيوي.

وفي الوقت الذي تشهد فيه المنطقة اضطرابات مائية وبيئية، يجب على السلطات المعنية أخذ موقف حازم لضمان توجيه المياه بما يتماشى مع احتياجات السكان والزراعة، وتجنب تكرار هذه الأزمات في المستقبل.

إن معالجة هذه القضية تتطلب تضافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية، من السلطات المحلية إلى الجمعيات المعنية بإمدادات المياه، بالإضافة إلى تعزيز الوعي العام بأهمية ترشيد استهلاك المياه وحمايتها من الهدر.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى