الداخلية تستخدم “الدرونات” لمحاربة البناء العشوائي

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في السنوات الأخيرة، شهدت الأراضي الفلاحية في العديد من مناطق المملكة تحولات جذرية، حيث تم الإجهاض على المئات من الهكتارات الزراعية وتحويلها إلى أحزمة إسمنتية، في ظل ازدياد البناء العشوائي الذي يهدد استدامة الأراضي الزراعية والطبيعة بشكل عام، هذه الظاهرة أثارت قلقًا كبيرًا لدى السلطات المعنية التي تبذل جهودًا كبيرة لمكافحة هذا الوضع المتدهور، والحفاظ على الموارد الطبيعية.

في خطوة هامة لمواجهة هذه الظاهرة، أطلقت وزارة الداخلية عمليات ميدانية لمراقبة البناء العشوائي، خاصة في المناطق القريبة من هوامش المدن. وكان الهدف من هذه العمليات هو التصدي الفوري لهذه الممارسات غير القانونية باستخدام تقنية حديثة، وهي الطائرات المسيرة (الدرون) لمراقبة البناء غير المرخص.

– استخدام الدرون في مراقبة البناء العشوائي:

من خلال استخدام هذه التقنية المتقدمة، تسعى السلطات إلى إجراء مسح جوي دقيق لأراضي البناء في المناطق المستهدفة. الطائرات المسيرة تساعد في تتبع عمليات البناء العشوائي في الوقت الفعلي، مما يتيح سرعة الكشف عن أي اختلالات تعميرية على الأرض. وتعتبر هذه التقنية خطوة استراتيجية نحو تطوير منظومة مراقبة حضرية ذكية تهدف إلى ضمان شفافية أكبر في تدبير المجال الترابي، وتحقيق الرقابة المستدامة على نمو المدن والقرى بشكل منظم.

– تحقيق الشفافية ومكافحة الفساد:

يعد استخدام التكنولوجيا في مراقبة البناء العشوائي جزءًا من رؤية السلطات المغربية لضمان رقابة شاملة وفعّالة على تطور المجال الحضري. كما أن هذه الإجراءات تستهدف تعزيز الشفافية في تدبير الأراضي، ومحاربة الفساد الذي قد ينشأ بسبب التراخي في المراقبة أو استغلال السلطات المحلية لصلاحياتهم في الميدان.

وفي هذا الصدد، فقد كشفت تقارير ميدانية عدة عن حالات فساد أثرت على سير عملية المراقبة، حيث تم التحقيق مع عدد من أعوان السلطة في بعض الأقاليم بسبب تورطهم في تحويل صلاحياتهم في المراقبة والمعاينة الميدانية إلى مصدر غير مشروع للدخل، هذه الحالات شكلت تحديا داخليا دفعت بالسلطات لاتخاذ خطوات صارمة لتصحيح الوضع وتطهير الأجهزة المحلية من أي ممارسات غير قانونية.

– مستقبل المناطق الحضرية والزراعية:

إن استمرار عمليات البناء العشوائي في الأراضي الفلاحية لا يشكل تهديدًا فقط للأمن الغذائي، بل له تأثيرات بيئية واجتماعية كبيرة، ولذلك، فإن الحسم في تطبيق القوانين وفرض الرقابة القوية أصبح ضرورة ملحة لضمان الحفاظ على الأراضي الزراعية وحمايتها من التحولات العمرانية العشوائية التي لا تواكب التخطيط السليم. وبهذا، تسعى السلطات إلى توجيه التوسع العمراني نحو مناطق محددة تتماشى مع احتياجات السكان، وتضمن في الوقت نفسه المحافظة على البيئة والمجالات الفلاحية.

وتبقى التحديات كبيرة في مواجهة البناء العشوائي، لكن استخدام التكنولوجيا مثل الطائرات المسيرة يمكن أن يمثل تحولًا جذريًا في طريقة مراقبة وتسيير الأراضي. وتؤكد هذه المبادرات أن السلطات عازمة على مواجهة هذا الملف بكل حزم، بغية تحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى الشفافية في كافة مراحل التخطيط الحضري.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى