تقرير إسباني يكشف ضعف الدفاع الإسباني ويعزز موقف المغرب في سبتة ومليلية

هبة بريس – محمد زريوح

صدر مؤخرًا تقرير عن “معهد الأمن والثقافة” الإسباني يتناول الوضع الجيوسياسي لسبتة ومليلية المحتلتين، حيث أشار الجنرال المتقاعد خوان كارلوس دومينغو غيرّا إلى استمرار المطالب المغربية باستعادة المدينتين.

ورغم أن الهدف المبدئي للتقرير كان تقديم رؤية استراتيجية لتعزيز الدفاع الإسباني، إلا أنه كشف في الواقع عن ضعف إسبانيا العسكري والسياسي، ما يُفسح المجال لمناقشة أكثر توازنًا للموقف المغربي.

بناءً على خبرته العسكرية الواسعة في الجيش الإسباني ووزارة الدفاع، أكد الجنرال دومينغو أن ضعف المنظومة الدفاعية الإسبانية ليس فقط ماديًا، بل يتعلق أيضًا بـ”غياب القناعة والالتزام السياسي”.

وهذه النقطة كانت في قلب التقرير، حيث اعتبرها المسؤول الأول وراء التحديات التي تواجه الدفاع الإسباني في قضية سبتة ومليلية، لا سيما بعد انضمام إسبانيا إلى حلف شمال الأطلسي، مما يعكس التوترات الداخلية داخل الأوساط السياسية الإسبانية.

فيما يتعلق بالحماية ضمن حلف شمال الأطلسي، أوضح التقرير أن وضع سبتة ومليلية في إطار الحماية الجماعية لحلف الناتو يظل غامضًا، نتيجة للنصوص المبهمة في المعاهدة.

ويطرح التقرير تساؤلاً أساسيًا حول قدرة إسبانيا على الاعتماد على “التضامن الأطلسي” لضمان الدفاع عن المدينتين في حال تعرضهما لأي تهديد.

وقد اعتبر التقرير أن هذا التفاؤل الإسباني بحاجة إلى إعادة نظر، في ظل ما يصفه بـ”الاسترخاء الإسباني” في الإنفاق الدفاعي مقارنة بالدول الأعضاء الأخرى.

في الوقت نفسه، يبرز التقرير ما يراه تهديدًا متزايدًا بالنسبة لإسبانيا، وهو تصاعد الاستثمارات المغربية في مجال الدفاع.

وبين 2018 و2023، قدم المغرب طلبات شراء أسلحة من الولايات المتحدة بلغت قيمتها أكثر من 13 مليار دولار، شملت صواريخ ودبابات ومروحيات هجومية.

و يعكس هذا الاتجاه استثمارًا عسكريًا طويل الأمد من قبل المغرب في تعزيز سيادته وأمنه الإقليمي، مما يجعل موقفه أكثر رسوخًا في النزاع حول سبتة ومليلية.

من الناحية الدبلوماسية، يناقش التقرير القلق المتزايد من تراجع تأثير إسبانيا في الساحة الدولية، خاصة في المؤسسات الكبرى مثل مجلس الأمن.

إذ يعبر الجنرال دومينغو عن تساؤل عميق بشأن قدرة إسبانيا على الدفاع عن سبتة ومليلية في حال تصاعد النزاع. هذا الأمر يعكس القلق من تراجع الدور الإسباني العالمي، مما يزيد من ضعف الموقف الإسباني في مواجهة التحديات المغربية.

في النهاية، يُعترف ضمنيًا في التقرير بأن المطالب المغربية بشأن سبتة ومليلية لن تختفي في المستقبل القريب أو المتوسط، مما يعكس ضعف الموقف الإسباني على المدى الطويل.

ومع استقرار الموقف المغربي السياسي والعسكري، يبدو أن إسبانيا أصبحت أكثر ضعفًا في مواجهة هذه المطالب، سواء على الصعيد العسكري أو الدبلوماسي.

لا يغفل التقرير أيضًا التغيرات الاستراتيجية في العلاقات الدولية، خاصة التقارب المتزايد بين المغرب والولايات المتحدة.

هذه الروابط العسكرية والدبلوماسية تؤكد أن المغرب يعزز موقعه في الساحة الدولية، مما يصب في مصلحته في النزاع حول سبتة ومليلية.

وفي ظل هذا التحول، يبدو أن إسبانيا لم تعد قادرة على الاعتماد على تحالفات سابقة لحماية مصالحها في المنطقة.

أخيرًا، يبرز التقرير التباين في المواقف السياسية داخل إسبانيا، حيث تستمر بعض الأصوات المؤثرة في دعم الموقف المغربي، مما يعكس أزمة داخلية في تحديد موقف موحد حول سبتة ومليلية.

هذا التباين يفاقم من تعقيد الموقف الإسباني ويعكس التحديات المستمرة في اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة في هذا الصدد.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى