زوّر الانتخابات لصالح تبون.. نظام العسكر يُقيل رئيس المحكمة الدستورية

هبة بريس

في حلقة جديدة من سلسلة عبث النظام العسكري الجزائري، تفجّرت فضيحة سياسية وقانونية صادمة، أثارت موجة سخط واسعة داخل الجزائر وخارجها، بعد الإعلان المفاجئ عن تعيين عمر بلحاج، رئيس المحكمة الدستورية، سفيرًا فوق العادة في دولة الكويت، بينما لا يزال الرجل يشغل أعلى منصب قضائي في البلاد. خطوة لا يمكن تفسيرها سوى بكونها انعكاسًا صارخًا لفوضى صنع القرار داخل نظام مرتبك فقد البوصلة.

تجاوز خطير لمنطق سير المؤسسات

قصاصة وكالة الأنباء الجزائرية الصادرة يوم 17 يونيو 2025 نزلت كالصاعقة على الجزائريين، إذ أعلنت عن قبول الحكومة الكويتية لاعتماد بلحاج سفيرًا، دون الإشارة إلى أي استقالة مسبقة من مهامه القضائية، في تجاوز خطير لمنطق سير المؤسسات، وخرق واضح لمبدأ فصل السلط.

وما زاد الطين بلّة، أن عمر بلحاج البالغ من العمر 85 عامًا، ليس فقط متقدّمًا في السن، بل معروف أيضًا بكونه أحد أكثر الوجوه ولاءً للنظام، ومن أبرز المساهمين في تمرير ما وُصفت بـ”الانتخابات الرئاسية المزوّرة”، التي قادت تبون إلى الرئاسة. حيث يُتّهم الرجل بمنح “هدية انتخابية” لصديقه الرئيس تتجاوز ستة ملايين صوت، وهي فضيحة انتخابية لم تُمحَ من ذاكرة الجزائريين.

كان متوقّعًا أن يُكافَأ بلحاج بمنصب رمزي كعرفان لخدماته، لكن تعيينه سفيرًا بدا للكثيرين كطريقة مهينة لإبعاده، مغلفة بغطاء دبلوماسي.

ومع تصاعد الغضب الشعبي على مواقع التواصل، وانكشاف الأمر، تحرّكت الرئاسة الجزائرية بشكل متأخر لتدارك الفضيحة، معلنةً أن بلحاج قدّم استقالته “لأسباب شخصية” – مبرر ساذج لم يقنع الشارع، الذي رأى فيه مجرد محاولة بائسة لاحتواء أزمة جديدة تلطخ صورة الجزائر.

وسريعًا، لجأ النظام إلى ترقيع القضية بفيركة بسيناريو مرتجل: تعيين السيدة عسلاوي ليلى (80 عامًا) بشكل مؤقت كرئيسة للمحكمة الدستورية بصفتها الأكبر سنًا، في تناقض صارخ مع شعارات “تشبيب الدولة” التي يتغنّى بها تبون منذ سنوات، بينما تُقصى الكفاءات الشابة وتُدفع إلى الهجرة أو البطالة.

تعليقات غاضبة وساحرة من الجزائريين

مواقع التواصل عجّت بالتعليقات الغاضبة والساخرة: “من يزوّر الانتخابات لا يُكرَّم بل يُحاكم”، كتب أحدهم، فيما تساءل آخر: “كيف تُمنَح سفارة لرجل في 85 من عمره بينما تُهمَّش كفاءات البلاد؟”

المعارض الجزائري أنور مالك وصف هذه الواقعة بأنها “مهزلة دستورية”، معتبرًا أن النظام ومنذ وصول تبون إلى السلطة لم يعد يفرّق بين التخطيط والعبث، في ظل غياب الحد الأدنى من الرؤية والحكامة. بينما شدد معارضون مثل هشام عبود وسعيد بنسديرة على أن هذه الخطوة ليست فقط خرقًا للأعراف وقوانين المؤسسات، بل تجسيدًا لفكر سياسي يُدير الدولة بمنطق الولاء والصفقات، لا بالكفاءة أو احترام القوانين.

ولم يخفِ متابعون شكوكهم في توقيت الإقالة، معتبرين أن عمر بلحاج “أنهى مهمته” في تزكية النتائج المعلّبة، ثم تم التخلص منه.

وفي خضم هذه المهزلة، يتّضح من جديد أن الجزائر تحت قبضة نظام عسكري لا يؤمن بالشفافية ولا بالمؤسسات، بل يستمر في إنتاج الفوضى عبر قرارات مرتجلة، تضرب ما تبقى من صورة الدولة ومصداقيتها أمام الداخل والخارج.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى