ورزازات…من الريادة إلى التراجع

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في العقد الأخير، كانت مدينة ورزازات تعتبر إحدى أنجح التجارب في مجال تدبير الشأن المحلي على مستوى الوطني ، فقد تم الإشادة بتجربتها في. عدة مناسبات كنموذج يحتذى به في الحكامة الترابية والنجاعة في التدبير، حيث تمكنت من تحقيق قفزات نوعية في مختلف المجالات بفضل رؤية استراتيجية واضحة ومثابرة على إنجاز مشاريع كبرى في البنية التحتية والفضاءات العامة.

كان النجاح مسترسلا إلى أن تغيرت المعطيات السياسية والإدارية، وتحولت المدينة من نموذج يحتفل به الجميع إلى حالة من الركود والضبابية في
المسار التنموي.

منذ بداية العقد الماضي، كانت ورزازات تبرز كمدينة تتمتع بإرادة قوية في التغيير، حيث شهدت مشاريع هامة على مستوى النقل الحضري، وتطوير الفضاءات العامة، وتحسين البنية التحتية، إنجازات كانت ثمرة سياسة محلية تستند إلى المبادرة والالتزام المجتمعي، تم تطوير العديد من المبادرات من خلال تفاعل فعّال مع الشركاء على المستويين الوطني والدولي، مما جعلها واحدة من المدن التي تشهد تطورًا ملحوظًا في التدبير المحلي.

لكن مع مرور الوقت، ومع التغيرات السياسية التي شهدتها المدينة في الانتخابات الأخيرة، بدأت تتسارع عملية التراجع على مختلف الأصعدة، فبينما كانت المدينة تتقدم بخطوات ثابتة، لاحظ العديد من المتابعين انحدارًا تدريجيًا في ديناميكياتها التنموية، حيث اختفى الزخم الذي كان يحرك المشاريع الكبرى، فغاب الحديث عن المشاريع الجديدة، وانخفضت وتيرة الإنجاز مقارنة بما كانت عليه الحال سابقًا.

لقد باتت ورزازات اليوم في حاجة ماسة إلى رؤية جديدة تُعيدها إلى المسار الصحيح، بينما لا يزال المواطنون في انتظار تحريك المشاريع المعطلة تفتقر إلى رؤية استراتيجية واضحة تضمن مستقبلًا أفضل لسكان المدينة ، حيت لوحظ غياب التفاعل المستمر مع احتياجات الساكنة، ولا المبادرات التي تواكب تطلعات الشباب والمجتمع المدني.

فالواقع الحالي للمدينة يعكس حالة من الإحباط لدى الكثير من المتابعين، الذين كانوا يطمحون في أن تبقى ورزازات مدينة حيوية، دؤوبة في تطورها.

من الواضح أن غياب خطة واضحة ومواكبة فعّالة للتحديات التي تواجه المدينة يساهم بشكل كبير في هذا التراجع، فلا يمكن للمدينة أن تظل رهينة للقرارات المحدودة والانتظار البسيط لفرص دعم خارجي، فالمدينة اليوم بحاجة إلى مشروع تنموي شامل، يتماشى مع الاحتياجات المستمرة والتطورات المتسارعة التي تشهدها العديد من المدن المغربية، بدلاً من الانغماس في تبرير التأخير والتعثر، يجب على المسؤولين المحليين أن يتحملوا مسؤوليتهم في قيادة المدينة نحو آفاق جديدة من التقدم والازدهار.

إن إعادة التفكير في طريقة التسيير أصبح ضرورة ملحة، فقد حان الوقت للنظر إلى ورزازات كمدينة لا تستحق فقط الاهتمام، بل قيادة حقيقية تحترم تاريخها العريق وأحلام أبنائها، ورزازات ليست مجرد مدينة في الجنوب الشرقي للمغرب، بل هي نقطة التقاء بين الثقافة والتاريخ، ووجهة سياحية ذات قيمة عالمية، وعلى الرغم من التحديات الحالية، فإن الفرصة ما تزال قائمة للانتقال بالمدينة إلى مستويات أعلى من التنمية والتقدم تماشيا مع تعليمات جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش .

تساؤلات عدة تظل تثار: هل بإمكان المدينة استعادة مكانتها كأحد النماذج المضيئة في مجال الحكامة؟ هل يمكن للفريق القائم على تسيير المدينة أن يقدم رؤية واضحة ومشاريع تنموية تُعيد الأمل للساكنة؟ ورزازات تحتاج اليوم إلى إدارة قوية، تتمتع بالكفاءة والإرادة، وتهدف إلى تفعيل مشاريع ذات طابع طويل الأمد تضمن مستقبلًا مشرقًا لأبنائها.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى