ولد ميتا.. الجزائر تفشل في اختراق السوق الموريتانية بمشروع طريق تندوف الزويرات

هبة بريس

رغم ما تروّجه الجزائر من شعارات رنانة حول اختراق الأسواق الإفريقية وبسط النفوذ الاقتصادي نحو الساحل وغرب القارة، إلا أن الوقائع الميدانية تفضح هشاشة هذا الخطاب، وتؤكد أن ما يُقدم كاستراتيجية توسعية ليس سوى واجهة إعلامية.

الوجود الجزائري في موريتانيا

فالوجود الجزائري في موريتانيا، الذي يُفترض أنه يشكل إحدى أولى خطوات هذا “الطموح الكبير”، لم يتجاوز بعد مرحلة التصريحات الرمزية، دون أن يترجم إلى دينامية اقتصادية فعلية أو حضور استثماري ملموس على الأرض.

الرهان الكبير على الطريق الرابط بين تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية، الذي يمتد على مسافة 700 كيلومتر، تحوّل إلى مشروع شبه معطّل، بلا أثر يذكر في الحركة التجارية، وبلا تنسيق لوجستي حقيقي يُمكّن الفاعلين الاقتصاديين من استغلاله.

الدولة الجزائرية بدت، مرة أخرى، غائبة عن تقديم أي دعم فعلي يمكّن شركاتها من الانخراط في هذا الفضاء التجاري، لتظل المبادرة الجزائرية محصورة في والتصريحات.

وما يزيد من قتامة المشهد، هو ما ورد على لسان الفاعلين الاقتصاديين الجزائريين أنفسهم، الذين لم يجدوا غير مراسلات الشكوى إلى وزارة التجارة الخارجية، يعبّرون فيها عن خيبتهم إزاء العقبات المتراكمة في السوق الموريتانية، وغياب أي دعم دبلوماسي يحمي مصالحهم.

افتقار الجزائر لرؤية استراتيجية بعيدة المدى

شركات مثل “Taste Paradise” و”Marin Fish” و”Bouchegouf Guelma”، التي كانت تمني النفس باختراق السوق الإفريقية، وجدت نفسها محاصرة بين عراقيل إدارية مزمنة، ومناخ استثماري لا تستطيع الجزائر معالجته، ما جعل المشروع يبدو كمحاولة ولدت ميتة.

وكانت الجزائر تأمل، نظريًا، في أن تتحول هذه المبادرة إلى قاعدة إقليمية لترسيخ نفوذها الاقتصادي، غير أن الواقع أبان عن افتقارها لرؤية استراتيجية بعيدة المدى، ولحد أدنى من الفهم العملي لتعقيدات السوق الموريتانية.

في المقابل، يُسجّل المغرب تقدمه بثقة وثبات في السوق الموريتانية، مستفيدًا من تراكمات طويلة من التعاون الاقتصادي، وشبكات فاعلة من المقاولات، وفهم عميق لطبيعة الاقتصاد الموريتاني وآليات توزيعه.

الخلل الجوهري للجزائر لا يتعلق فقط بالتأخر في التحرك، بل بالبنية الاقتصادية الجزائرية نفسها، التي ما تزال تعاني من ثقل الدولة وبيروقراطيتها المتصلبة، وضعف الشراكة مع القطاع الخاص، وغياب المرونة والفعالية الضروريتين لاختراق الأسواق المفتوحة.

الشركات الجزائرية في وضع حرج

فبينما تعتمد الرباط على نموذج شراكات نشطة تجمع بين الدبلوماسية الاقتصادية والمبادرات الخاصة، لا تزال الجزائر سجينة نموذج مركزي متصلب، لا يفهم دينامية الأسواق الإفريقية ولا يواكب تعقيداتها.

الشركات الجزائرية تبدو اليوم في وضع حرج، لا تملك أدوات الفعل ولا تحظى بمساندة حقيقية من الدولة، وتنتظر تدخلًا سياسيًا يعيد الزخم إلى ملف فقد بريقه، دون أن تلوح في الأفق مؤشرات على وجود خطة قادرة على تغيير المعادلة.

غياب التأثير، وضعف الحضور المحلي، وفقر المبادرات الميدانية، كلها عوامل جعلت من الحضور الجزائري في موريتانيا مجرد صدى باهت لطموح لم يُبصر النور.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى