مالي ترفض وساطة النظام الجزائري وتتبنى ميثاقًا وطنيًا جديدًا للسلام

هبة بريس

اختارت السلطات الانتقالية في مالي تجاهل مبادرة الجزائر للتوسط بينها وبين الجماعات الطوارقية المتمردة، مفضلة السير في مسار داخلي خالص، توج مؤخراً باعتماد ميثاق وطني جديد للسلام والمصالحة يلغي بشكل رسمي اتفاق الجزائر الموقع سنة 2015.

تحديات أمنية شمال مالي

ووفق ما أوردته الصحافة المالية، فقد تسلّم رئيس الحكومة الانتقالية، الجنرال عاصيمي غويتا، الوثيقة الجديدة التي جاءت نتيجة أشهر من المشاورات والحوار مع ممثلي الحكومة والمجتمع المدني والنشطاء، لتشكل أساسًا جديدًا للسلام، بديلاً عن الاتفاقات السابقة التي رعتها الجزائر.

وقد اعتبرت الحكومة المالية أن هذا الميثاق يعكس الواقع الوطني الحالي ويجسد – بحسب وصف غويتا – “خطوة تاريخية نحو السيادة الوطنية”، رغم استمرار التحديات الأمنية شمال البلاد ووسطها، حيث تنشط جماعات متمردة وتنظيمات إرهابية منذ سنوات.

الإعلان عن الميثاق الجديد تزامن مع تصاعد التوتر بين باماكو والجزائر، عقب انسحاب مالي رسمياً من اتفاق الجزائر العام الماضي، واتهامها للجزائر بإيواء مسلحين وغض الطرف عن هجمات عبر الحدود تستهدف أراضيها، وهي اتهامات ردت عليها الجزائر بعرض وساطة مشروطة، رفضته مالي بشكل غير مباشر.

هذا التحول، بحسب تقارير عديدة، يعكس رغبة باماكو في التحرر من النفوذ الجزائري، وهو ما تجسد في انضمامها، إلى جانب النيجر وبوركينا فاسو، إلى تحالف دول الساحل، فضلاً عن انفتاحها على مبادرات إقليمية بديلة، في مقدمتها المبادرة الأطلسية المغربية، التي تسعى لفتح آفاق تنموية جديدة لبلدان الساحل.

رفض مالي لعرض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

ويرى مراقبون أن رفض مالي لعرض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي جدد في مقابلة إعلامية قبل أيام، يكشف عن انعدام الثقة في الدور الجزائري، خاصة بعد فشل اتفاق 2015 في إحلال الاستقرار، وتراجع تأثير الجزائر في المنطقة أمام صعود قوى إقليمية تقدم بدائل أكثر عملية واستقلالية.

كما أوردت الصحافة المالية أن قيادة هذا المسار الجديد أسندت إلى عثمان إيسوفي مايغا، رئيس الوزراء الأسبق البالغ من العمر 80 عاماً، والذي استدعاه غويتا من التقاعد لقيادة الحوار الوطني الممتد من فبراير 2024 إلى يوليوز 2025، في مهمة وصفت بأنها “نداء للوطن”، شاركت فيها مختلف مكونات المجتمع المالي.

ومن المرتقب أن يعتمد المجلس الوطني الانتقالي الميثاق قريباً في صيغته التشريعية، تمهيداً لإصداره رسمياً، مع إحداث مرصد خاص لتتبع تنفيذ بنوده في مجالات المصالحة، التماسك الاجتماعي، والتنمية المتوازنة.

وفي سياق متصل، أعلنت السلطات المالية قبل يومين عن إحباط تهريب شحنة أسلحة كانت موجهة لتنظيم إرهابي داخل البلاد، متهمة دولة مجاورة بتسهيل العملية، في إشارة ضمنية – وفق مراقبين – إلى الجزائر، التي تتهمها باماكو بدعم جماعات مسلحة تنشط في شمال مالي قرب الحدود الجزائرية.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى